قال سبط ابن العجمي: (تنبيه: أوَّل من كسا الكعبة _كما قاله الأزرقيُّ_ قال ابن جريج: كان تُبَّع أوَّل من كساها كسوة كاملة، أُرِيَ في المنام أن يكسوها فكساها الأنطاع، ثمَّ أُرِيَ أن يكسوها الوصائل؛ وهي ثياب حبر من عصب اليمن، ثمَّ كساها النَّاس بعده في الجاهليَّة، ثمَّ روى الأزرقيُّ روايات متفرِّقة حاصلها: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كساها، ثمَّ كساها أبو بكر، وعمر، وعثمان، ومعاوية، وابن الزُّبير، ومَنْ بعدهم، وأنَّ عمر كان يكسوها من بيت المال، فيكسوها القباطيَّ، وكساها ابن الزُّبير ومعاوية الدِّيباج، وكانت تُكسَى يوم عاشوراء، ثمَّ صار معاوية يكسوها مرَّتين، ثمَّ كان المأمون يكسوها ثلاث مرَّات؛ فيكسوها الدِّيباج الأحمر يوم التروية، والقباطيَّ يوم هلال رجب، والدِّيباج الأبيض يوم سبع وعشرين من رمضان، وهذا الأبيض ابتدأه المأمون سنة ستٍّ وثمانين حين قالوا له: الدَّيباج الأحمر يتخرَّق قبل الكسوة الثانية، فسأل عن أحسن ما تكون فيه الكعبة، فقالوا له: الدِّيباج الأبيض، ففعله.

تنبيه ثانٍ: أوَّل مَن زيَّنها بالذَّهب الوليد بن عبد الملك، بعث عبد الملك إلى واليه على مكَّة خالد بن عبد الله القسريَّ بستَّة وثلاثين ألف دينار، وضرب منها على باب الكعبة صفائح الذَّهب، وعلى ميزاب الكعبة، وعلى الأساطين التي في بطنها، وعلى الأركان في جوفها، فكلُّ ما على الميزاب والأركان من الذَّهب؛ فهو من عمل الوليد، وهو أوَّل من ذهَّب البيت في الإسلام، وأمَّا ما كان على الباب من الذَّهب من عمل الوليد؛ فرُفِع ذلك إلى أمير المؤمنين مُحَمَّد بن الرَّشيد في خلافته، فأرسل إلى سالم بن الجرَّاح عامله على ضواحي  مكَّة بثمانية عشر ألف دينار؛ ليضرب منها صفائح الذَّهب على باب الكعبة، فبلغ ما كان على الباب من الصفائح، وزاد عليها ثمانيةَ عشرَ ألف دينار، فضرب عليها الصَّفائح التي هي اليوم، والمسامير، وحلقتي الباب، والعتب، فالذي على الباب من الذهب ثلاثة وثلاثون ألف مثقال، وعمل الوليد بن عبد الملك الرخام الأخضر والأبيض والأحمر في بطنها مؤزَّرًا به جدرانها، وفرشها بالرخام، فجميع ما في الكعبة هو من عمل الوليد بن عبد الملك، وهو أوَّل من فرشها بالرخام وأزَّر به جدرانها، وهو أوَّل من زخرف المساجد).

التلقيح (٥/٢٤٧)