
رُوي من حديث أبي ذرّ الغفاريّ، ويعلى بن مرّة الثّقفيّ رضي الله عنهما.
أولًا: حديث أبي ذرّ الغفاريّ رضي الله عنه
أخرجه ابنُ عديّ في «الكامل»([1])، وأبو عبد الله الحاكم في «المستدرك»([2])، والحافظ ابنُ عساكر في «تاريخه»([3])، من طريق يحيى بن يعلى الأسلميّ، عن بسّام بن عبد الله الصّيْرفيّ، عن الحسن بن عمرو الفقيميّ، عن معاوية بن ثعلبة، عن أبي ذرّ، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ أَطَاعَ عَلِيًّا فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى عَلِيًّا فَقَدْ عَصَانِي».
وأخرجه الحافظ ابنُ عساكر في «تاريخه»([4]) من طريق ابن عديّ أيضًا.
قال ابنُ عديّ: (وهذا لا أعلم يرويه عن بسّام بهذا الإسناد غير يحيى بن يعلى).
وقال أبو عبد الله الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه).
أقول: أنّى له الصّحة وإسناده معلول بعلتين:
الأولى: يحـيى بن يعلى الأسلميّ القَطَوانِيّ، أبو زكريّا الكوفيّ، ذاهب الحديث([5]).
وقد عدّ ابن عديّ حديثه هذا من منكراته.
الثانية: معاوية بن ثعلبة، مجهول.
ذكره البخاري في «تاريخه»([6]) وابنُ أبي حاتم في «الجرح والتعديل»([7]) وسكتا عنه.
وذكره ابنُ حبّان في «الثقات»([8])؛ على قاعدته في توثيق المجهولين.
وأما تصحيح الحاكم، فهو معروف بتساهله، وقد أشار إلى هذا الأمر عدد من العلماء، لذا لا ينبغي الأخذ بتصحيحه، إذ يوجد في الإسناد العلتان المذكورتان، فكيف يُطلق عليه: «صحيح الإسناد»؟!
وسكوت الحافظ الذهبي في «المستدرك» لا يُعتبر دليلاً على موافقة الحاكم أو إقراره لحكمه، وهذه مسألة معروفة لمن اطلع على «تلخيصه».
وأما قول الذهبي: (صحيح) فليس من قوله، بل هو من تصرف المحقق مصطفى عبد القادر عطا، ولهذا لا ترى لهذا التصحيح في الطبعات المحققة الأخرى، مثل طبعة الرسالة والمنهاج القويم.
ثم ان الحافظ الذهبي نفسه يُضعف يحيى بن يعلى الأسلمي، كما في كتابه الكاشف وغيره.
ثانيًا: حديث يعلى بن مرّة الثّقفيّ رضي الله عنه
أخرجه ابنُ عديّ في «الكامل»([9])، ومن طريقه الحافظ ابنُ عساكر في «تاريخه»([10])، قال: حدَّثنا محمد بن جعفر بن يزيد المطيريّ، حدَّثنا إبراهيم بن سليمان النَّهميّ الكوفيّ، حدَّثنا عباد بن زياد، حدَّثنا عمر بن سعد، عن عمر بن عبد الله الثَّقَفيّ، عن أبيه، عن جدِّه يعلى بن مرَّة الثَّقفيّ، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «مَن أَطَاعَ عَلِيًّا فَقَدْ أَطَاعَنِي، ومَنْ عَصَى عَلِيًّا فَقَدْ عَصَانِي، ومَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، ومَنْ أَحَبَّ عَلِيًّا فَقَدْ أَحَبَّنِي، ومَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أَحَبَّ اللهَ، ومَنْ أَبْغَضَ عَلِيًّا فَقَدْ أَبْغَضَنِي، ومَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَ اللهَ، لا يُحِبُّكَ إلَّا مُؤْمِنٌ، ولَا يُبْغِضُكَ إلَّا كَافِرٌ أَوْ مُنَافِقٌ».
أقول: إسناده ضعيفٌ جدًّا، فيه عدّة علل:
الأولى: إبراهيم بن سليمان بن حَزَازَة([11]) أبو إسحاق النّهميّ.
قال الدّارقطنيُّ: (متروك)([12]).
الثّانية: عمر بن سعد هو النصريّ.
ضعّفه الإمام البخاريّ في «تاريخه»([13])، بقوله: (لم يصح حديثه).
وذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»([14])، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وقال البيهقيُّ: (مجهول)([15]).
الثالثة: عمر بن عبد الله بن يعلى بن مُرّة الثقفيّ.
قال الإمام أحمد: (ضعيف الحديث)([16])، وقال أيضًا: (منكر الحديث)([17]).
وقال أبو نعيم: (رأيت عمر بن عبد الله فما أستحل أن أروي عنه)([18]).
وقال ابنُ معين: (ليس بشيء)([19])، وقال أيضاً: (ضعيف)([20]).
وقال أبو حاتم الرّازيّ: (ضعيف الحديث، منكر الحديث)([21]).
وقال ابنُ أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن عمر بن عبد الله بن يعلى فقال: (ليس بالقوي)، فقلت ما حاله؟ قال: (أَسـأل الله السلامة)([22]).
وقال البخاري: (يتكلمون فيه)([23]).
وقال ابن حبان: (منكر الرواية عن أبيه… روى عمر بن عبد الله بن يَعلى نسخة أكثرها مقلوبة عن أبيه، عن جده)([24])، وقال في ترجمة أبيه إنّه: (واهٍ)([25]).
وقال النّسائيّ: (ضعيف)([26]).
وقال الدارقطني: (متروك)([27]).
وقال الذهبي: (ضعّفوه)([28]).
وقال الحافظ ابن حجر: (ضعيف)([29]) ، وقال أيضًا: (متفق على تضعيفه)([30]).
الرابعة: عبد الله بن يعلى بن مُرّة الثَّقَفِيّ.
قال البخاريّ: (فيه نظر)([31]).
وقال ابنُ حبان: (لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد لكثرة المناكير في روايته، على أن ابنه واه أيضًا، فلست أدري البليّة فيها منه أو من ابنه)([32]).
وقال الدّارقطنيّ في ترجمة ابنه: (عمر بن عبد الله بن يعلى بن مُرّة الثقفي، عن أبيه، عن جدّه، وأبوه لا يعرف إلَّا به)([33]).
وقال الذّهبيّ: (ضعيف)([34]).
وعباد بن زياد الأسديّ، تُكلم فيه، وقال بعضهم: محله الصدق، إلّا أنّ ابن عديّ قال: (له أحاديث مناكير في الفضائل)([35]).
وذكر هذا الحديث ضمن ترجمته.
([1]) الكامل في الضعفاء (١٠/٦٠٨).
([5]) انظر أقوال النقاد فيه على هذا الرابط:
([6]) التاريخ الكبير (٩/ ١٠٦).
([7]) الجرح والتعديل (٨/ ٣٧٨).
([9]) الكامل في الضعفاء (٧/٢٨٩).
([11]) كذا ضبط في الإكمال لابن ماكولا (2/459)، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدّين الدّمشقيّ (3/220).
([12]) سؤالات الحاكم النيسابوريّ للدّارقطنيّ (رقم:٤٠).
([13]) التاريخ الكبير (7/١٩٠).
([14]) الجرح والتعديل (٦/١١٢).
([16]) العلل ومعرفة الرجال (رقم: 1204).
([17]) الضعفـاء الكبير للعقيلي ( 3/177 ).
([19]) تاريخ الدارمي (رقم: 640، 462).
([20]) التاريخ رواية الدّوريّ (رقم: 3939).
([21]) الجرح والتعديل (6/ 118).
([22]) الجرح والتعديل (6/ 118 ـ 119).
([23]) التـاريخ الكبير (2/ 113).
([26]) الضعفاء والمتروكين (رقم: 457).
([27]) تهذيب الكمال (21/ 420).
([28]) المغني في الضعفاء (2/ 470)، الكاشف (2/ 64)، ديوان الضعفاء (رقم: 3076).
([29]) تقريب التهذيب (رقم: 4967).
([30]) لسان الميزان (4 / 307).
([31]) الضعفـاء الصغـير (رقم: 200).
([33]) الضعفاء والمتروكين (رقم: 376).