وإنما تحمل مثل هذه الأحاديث ـ على تقدير صحتها ـ على معرفة أئمة الحديث الجهابذة النقاد، الذين كثرت ممارستهم لكلام النّبي ﷺ، وكلام غيره، ولحال رواة الأحاديث، ونقلة الأخبار، ومعرفتهم بصدقهم وكذبهم، وحفظهم وضبطهم؛ فإنّ هؤلاء لهم نقد خاص في الحديث ، يختصون بمعرفته، كما يختص الصيرفي الحاذق بمعرفة النقود: جَيِّدِها ورديئها، وخالصها ومشوبها، والجوهري الحاذق في معرفة الجوهر بانتقاد الجواهر، وكل من هؤلاء لا يمكن أن يعبر عن سبب معرفته، ولا يقيم عليه دليلا لغيره، وآية ذلك أنه يعرض الحديث الواحد على جماعة ممن يعلم لهذا العلم، فيتفقون على الجواب فيه من غير مواطأة .
جامع العلوم والحكم (٢/ ٥٦)