رُوي من حديث عبد الله بن عمر، وأبي ذرّ الغفاريّ، وأبحديث: «يَا عَلِيُّ، إنّه مَنْ فَارَقَنِي فَقَد فَارَقَ اللَه، وَمَنْ فَارَقَكَ فَقَدْ فَارَقَنِي».

رُوي من حديث عبد الله بن عمر، وأبي ذرّ الغفاريّ، وأبي هريرة رضي الله عنهم.

أولًا: حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

أخرجه أبو القاسم الطّبرانيّ في «المعجم الكبير»([1])، وأبو بكر الإسماعيلي في «المعجم»([2])، وأبو طاهر السِّلفيّ في «المشيخة البغداديّة»([3])، وابنُ المغازليّ في «مناقب عليّ»([4])، من طريق أحمد بن صبيح الأسديّ الكوفيّ([5])، قال: حدَّثنا يحيى بن يعلى الأسلميّ، عن عمران بن عمّار، عن أبي إدريس، مؤذن بني أفصى وإمامهم ثلاثين سنة، أخبرني مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ^: «مَنْ فَارَقَ عَلِيًّا فَارَقَنِي، وَمَنْ فَارَقَنِي فَارَقَ اللهَ عزّ وجلّ».

ومن طريق أبي القاسم الطّبرانيّ أخرجه الموفق بن أحمد الخوارزميّ في «المناقب»([6])، والجوينيّ في «فرائد السمطين»([7]).

أقول: إسناده ضعيف جدًّا، فيه ثلاث علل:

الأولى: يحـيى بن يعلى الأسلميّ القَطَوانِيّ، أبو زكريّا الكوفيّ، ذاهب الحديث([8]).

الثانية: عمران بن عمّار، لم أقف عليه. 

وأمّا ‌عمران ‌بن ‌عمّار الكوفيّ الذي روى عنه محمد بن جحادة فطبقته تختلف؛ فيما يظهر لي.

الثالثة: أبو إدريس المؤذن، لم أعرفه.

ثانيًا: حديث أبي ذَرٍّ الغفاريّ رضي الله عنه

أخرجه الإمام أحمد في «فضائل الصحابة»([9])، والبخاريُّ في «تاريخه»([10]) معلّقًا، وأبو بكر البزّار في «مسنده»([11])، وابنُ عديّ في «الكامل»([12])، وأبو عبد الله الحاكم في «المستدرك»([13])، والحافظ ابنُ عساكر في «تاريخه»([14])، وابنُ المغازلي في «مناقب عليّ»([15])، والكنجيّ في «كفاية الطالب»([16])، والجوينيّ في «فرائد السمطين»([17])، من طريق عبد الله بن نمير، قال: حدَّثنا عامر بن السمط، قال: حدَّثني أبو الجَحَّاف، عن معاوية بن ثعلبة، عن أبي ذَرٍّ قال: قال رسول الله ^: «يَا عَلِيُّ، إنّه مَنْ فَارَقَنِي فَقَد فَارَقَ اللَه، وَمَنْ فَارَقَكَ فَقَدْ فَارَقَنِي».

ومن طريق الإمام أحمد أخرجه أبو سعيد النّقاش في «مجالسه»([18])، وابنُ المغازليّ في «مناقب عليّ»([19]).

ومن طريق أبي عبد الله الحاكم أخرجه الجوينيّ في «فرائد السمطين»([20]).

قال أبو بكر البزّار: (وهذا الكلام لا نعلمه يروى إلا عن أبي ذرّ بهذا الإسناد).

وقال أبو عبد الله الحاكم: (صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)([21])، وتعقّبه الحافظ الذّهبيّ بقوله: (قلت: بل منكرٌ)، وكذا قال في «ميزانه»([22]).

أقول: هو منكرٌ، في إسناده علّتان:

الأولى: ‌داود بن أبي ‌عوف سويد أبو ‌الجَحَّاف التّميميّ.

قال عنه سفيان الثوري: (كان مرضيًّا)([23]).

وعن عبد الله بن داود: كان سفيان يوثّقه ويعظّمه([24]).

وقال أحمد: (ثقة)([25]).

وقال مرّة: (صالح) ([26]).

وقال ابنُ معين: (ثقة)([27]).

وقال الجوزجانيّ: (كان معتقدًا منهم، يعني غير المحمودين في الحديث)([28]).

وقال أبو حاتم الرّازيّ: (صالح الحديث)([29]).

وقال النّسائيّ: (ليس به بأس) ([30]).

وقال ابنُ حبّان: (يخطئ)([31]).

وقال ابنُ عديّ: (وهو في جملة متشيعي أهل الكوفة وعامة ما يرويه في فضائل أهل البيت… وهو من غالية أهل التشيع، وعامة حديثه في أهل البيت، ولم أر لمن تكلم في الرجال فيه كلاما، وهو عندي ليس بالقوي، ولا ممن يحتج به في الحديث)([32]).

وذكر حديثه هذا من جملة منكراته.

وقال الحافظ الذّهبيّ في «الكاشف»([33]): (قال أبو حاتم: صالح الحديث. قليلُه). أي: قليل الحديث([34]).

وقال في«المغني»([35]): (صُويلح)، وفي «الديوان»([36]): (اختلفوا فيه واحتمل)، وفي موضع آخر: (صدوقٌ يُغرب)([37])، وفي «المجرد»: (صالحٌ)([38])، وفي «تاريخ الإسلام»([39]): (وثّقه جماعةٌ، وفيه شيءٌ).

وقال الحافظ ابنُ حجر: (هو صدوقٌ، شيعيٌّ، ربما أخطأ)([40]). وقال في «مختصر زوائد مسند البزّار»: (ضعيف)([41]).

والظاهر أنّه صويلح، وقد احتمله بعضُهم، إلّا أنّه أحيانًا يُغرب ويخطئ، وتفرده بهذا الحديث يُعدّ منكرًا.

الثانية: معاوية بن ثعلبة.

ذكره البخاري في «تاريخه»([42]) وابنُ أبي حاتم في «الجرح والتعديل»([43]) وسكتا عنه.

وذكره ابنُ حبّان في «الثقات»([44])، على قاعدته في توثيق المجهولين.

وهكذا يتجلى لك تساهل الهيثميّ في «مجمع الزوائد»([46])، حيث اعتمد على توثيق ابن حبّان له فقال: (رواه البزّار، ورجاله ثقات)!

وقد سئل الإمام أحمد عن هذا الحديث فقال: (اِضْرِبْ عليه)، وكره أن يحدّث به ([45]).

ثالثًا: حديث أبي هريرة رضي الله عنه

قال الحافظ الذّهبيّ في «ميزان الاعتدال»([47]):

(رزين الكوفيّ الأعمى، متروك، عن أبي هريرة، قاله الأزدي.

روى عنه حبيب بن أبي ثابت، ثم ساق له الأزديّ حديثًا باطلًا عن أبي هريرة مرفوعًا: «مَنْ فارقني فارقَ اللهَ، ومَنْ فارقَ عليًّا فقد فارقني، ومَنْ تولّاه فقد تولّاني…الحديث»).


([1]) المعجم الكبير (١٢/٤٢٣).

([2]) معجم أسامي شيوخ أبي بكر الإسماعيليّ (رقم: ٤٠٣).

([3]) المشيخة البغدادية (رقم: ١٨٢٤).

([4]) مناقب عليّ رضي الله عنه (رقم: ٢٨٧).

([5]) قال علي بن الحسين بن الجنيد: (وكان صدوقا)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٢/٥٦). وقال الحافظ ابن حجر: (ذكره أبو العرب في الضعفاء ونقل عن أبي الطاهر المديني أنه قال: كوفي ليس يساوي شيئا. ورأيته في نسخة معتمدة: أحمد بن صالح، وأظنه تصحيفا)، لسان الميزان (١/٤٨٥).

([6]) المناقب (رقم: ١٠٩).

([7]) فرائد السمطين (١/٢٩٩) (رقم: ٢٣٧).

([8]) انظر أقوال النقاد فيه على هذا الرابط:

([9]) فضائل الصحابة (رقم: ٩٦٢).

([10]) التاريخ الكبير (٩/١٠٦) ولم يذكر متنه.

([11]) البحر الزخار (رقم: ٤٠٦٦).

([12]) الكامل في الضعفاء (٤/٤١٧).

([13]) المستدرك (رقم: ٤٦٧٣، ٤٧٥٢).

([14]) تاريخ دمشق (٤٢/٣٠٧).

([15]) مناقب عليّ رضي الله عنه (رقم: ٢٨٨).

([16]) كفاية الطالب (ص: ١٨٨-١٨٩).

([17]) فرائد السمطين (١/٣٠٠) (رقم: ٢٣٩).

([18]) جزء فيه من مجالس أبي سعيد محمد بن علي بن عمرو بن مهدي النقاش (رقم: ٩).

([19]) مناقب علي رضي الله عنه (رقم: ٢٨٨، ٣٢٤).

([20]) فرائد السمطين (١/٣٠٠) (رقم: ٢٣٨).

([21]) المستدرك (رقم: ٤٦٧٣).

([22]) ميزان الاعتدال (٢/١٨).

([23]) التاريخ الكبير (٤/٩٢) والأوسط برواية الخفاف (٢/١٢) (رقم: ١٠٥٩)، كلاهما للبخاري، وسؤالات الآجري لأبي داود (رقم: ٣٧٤).

([24]) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٣/٤٢١).

([25]) العلل ومعرفة الرجال (رقم: ١١٢١، ٢٦١٣).

([26]) العلل ومعرفة الرجال (رقم: ٢٥٥٤).

([27]) تهذيب الكمال (٨/٤٣٦).

([28]) الشجرة في أحوال الرجال (رقم: ١٢٧).

([29]) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٣/٤٢٢).

([30]) تهذيب الكمال (٨/٤٣٦).

([31]) الثقات (٦/ ٢٨٠).

([32]) الكامل في الضعفاء (٤/٤١٦).

([33]) الكاشف (٢/٤١٠).

([34]) كما في النسخة الخطية مكتبة الفاتح ١٢١ (٥٢ق/ب)، ومكتبة فاضل أحمد ٣٨٧ (٤٧ق/ب). قال المؤلّف في التذهيب (٣/١٦٨): (قَلَّ ما له في الكتب).

([35]) المغني في الضعفاء (١/٢٢٠).

([36]) ديوان الضعفاء (رقم: ١٤٨٨).

([37]) ديوان الضعفاء (رقم: ٥٢٣٧).

([38]) المجرد في أسماء رجال سنن ابن ماجه (رقم: 1192).

([39]) تاريخ الإسلام (٣/ ٨٥٨).

([40]) تقريب التهذيب (رقم: ١٨٠٥).

([41]) مختصر زوائد مسند البزار (١/١٨٨).

([42]) التاريخ الكبير (٩/ ١٠٦).

([43]) الجرح والتعديل (٨/ ٣٧٨).

([44]) الثقات (٥/ ٤١٦).

([45]) المنتخب من العلل للخلال (115).

([46]) مجمع الزوائد (رقم: 14771).

([47]) ميزان الاعتدال (٢/٤٧).